جانب الكشف من علم النفس في فلسفة القرآن يتبع القواعد التالية، التي ليست سوى تبسيطا لذات
الحقيقة الآنفة الذكر:
1- ليست النفس سبيكة بيضاء، ولا صخرة سوداء، كمازعم بذلك فريقان متطرفان من فلاسفة البشر، وانما هي أمر بين أمرين.
2- ومن هنا فإن الجوانب السلبية والإيجابية متعايشتان عند الإنسان لا يفرضهما عليه فارض من خارجه، اللهم الا الله واهب الخير له ويفرض عليه كلمة التقوى أحيانا.
3- وخطأ فلاسفة البشر الأول آت من افتراضهم سلفا ان النفس التي تتبع الخير لا يمكن ان تكون مصدر الشر، وكذلك العكس، جاهلين ان طبيعة النفس الشريرة لا تنافي هبة الله لها موهبة خيرة. كما كانت طبيعة الإنسان الموت فوهب الله له الحياة، وذاته العدم، فأعطاه الله الخلق والوجود وهكذا.
4- ومن هنا تكون المحفزات الطبيعية حقة وواقعية بذات القوة التي تكون العوامل الحضارية صحيحة وواقعية، فالعصبية إلى جانب الإيثار، والشهوة إلى جانب التعفف، والرياء إلى جانب الاخلاص أمور واقعية ومعترف بها.
5- وتكون التربية والأخلاق والعقوبات والضغوط كلها ضرورية، لأنها ستساعد الجانب الإيجابي في البشر على الجانب السلبي، ولكن بعد الاعتراف بواقعية الحالة الاعتدائية في النفس واثر الوراثة والهوى والكفاح المعاشي في تسييره، مما يشكل الجانب السلبي منه.
هذه هي النقاط الخمس التي تعود لتتمركز في ثورة فكرية واحدة هي قاعدة الثنائية في الكائنات وفي النفس البشرية، هذه القاعدة التي أخطأها فلاسفة البشر قديما وحديثا، وهدى اليها القرآن الحكيم الذي قال:
(ونفس وما سواها* فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكاها* وقد خاب من دساها* كذبت ثمود بطغواها* إذ انبعث أشقاها* فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها* فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها) [الشمس / 7-14].
النفس تعرف الفجور وتعرف كيف تبقى فيها وتتخلص من سيئاتها، ولكنها تسير ناحية التزكية حينا وناحية الدس والنفاق حينا، وأي الناحيتين سارت فهي نابعة من قوة متأصلة فيها، فعشيرة ثمود حيث اختارت الضلالة فإنما اختارتها بطغواها؛ انها طغت بالنعم، والطغيان بالنعم حقيقة معترف بها لدى الإسلام وسنة اجتماعية، ولكن القرآن من جانب آخر يدين ثمود، لأنها كانت تستطيع الإفلات من قيود هذه السنة الاجتماعية وتستجيب لنداء رسولها فلم تفلح، فعوقبت ودمدم عليهم ربهم فسواها. والعقوبة ذاتها نابعة من التخيير في الإسلام، فلولا اعتقادنا بإمكانية ثمود التمرد على سنن الكون لما حسنت العقوبة ولا حتى الإدانة.
وبعيدا عن تفسير الظواهر النفسية بالثنائية (الذات + الموهبة) تتورط في الفلسفات التجزيئية التي لم تستطع ان تعطي الإنسان وجوده المتكامل، وأكثرها تجرد الإنسان من حريته في اختيار السلوك الفاضل.
أ- فداروين يجعل مسألة التقدم البشري طبيعية إلى درجة بعيدة، ويجعل الكفاح من أجل الوجود وسيلة الإنسان الوحيدة نحو التقدم الطبيعي، ثم يربط بين الشرور وبين مرحلة الإنسان، بحيث يكاد يقدس تلك الشرور ويعكس نظرية الخطيئة الأولى في الديانة المسيحية، ولا نذيع سرا لو قلنا ان بناء العلوم الحديثة (والمرتبطة بمعرفة الإنسان) قد قام على نظرية داروين ليس في إصالة الشر في طبيعة الإنسان فقط، بل وأيضا في جعل الكفاح من أجل الوجود الوسيلة الوحيدة لرقي الإنسان.
ب- وفرويد، يجعل الصفة الاعتدائية طبيعية في الإنسان متجاهلا تماما صفة الرحمة فيه، بل يتطرف بالقول: ان إعاقة الاعتدائية على العموم شيء غير صحي.
ج- وتطرف فريق ذات اليمين، فلم ير في الإنسان أي شر أصيل، وقال: ان الطبيعة الإنسانية غير مصابة بأية خطيئة أصلية غير الخطيئة الأصلية التي ارتكبها المجتمع ضدها. ومثَّل هذه النظرية: روسو وكانت وغوته وآخرون.
وكانت من نتائج اصالة الخطيئة دون الفضيلة، اليأس من اصلاح الإنسان، بل وتبديل القيم إلى حد الزعم بأن الرذيلة نوع من الفضيلة، أما النظرية المعاكسة فكان من نتائجها تحميل التربية كل اخطاء الإنسان وتناسي العوامل المضادة في ذات البشر وبالتالي عدم الواقعية في ذات البشر.
ان الإنسان حسب نظرية الإسلام ليس مخيرا بالمرة، فهناك الوراثة والتربية بل عامل الكفاح من أجل الحياة، تفرض عليه أحيانا اتجاها محددا، الا انه من جانب آخر ليس مسيرا بالمرة فهناك عامل العقل الذي يسمو به أحيانا أخرى إلى الثورة ضد عوامل الفساد، والعقل هذا موهبة يتأصل في ذات الإنسان إلى كائن حضاري لا جبر فيه ولا تفويض بل أمر بين أمرين.
واتمنى الاستفادة من الموضوع
الحقيقة الآنفة الذكر:
1- ليست النفس سبيكة بيضاء، ولا صخرة سوداء، كمازعم بذلك فريقان متطرفان من فلاسفة البشر، وانما هي أمر بين أمرين.
2- ومن هنا فإن الجوانب السلبية والإيجابية متعايشتان عند الإنسان لا يفرضهما عليه فارض من خارجه، اللهم الا الله واهب الخير له ويفرض عليه كلمة التقوى أحيانا.
3- وخطأ فلاسفة البشر الأول آت من افتراضهم سلفا ان النفس التي تتبع الخير لا يمكن ان تكون مصدر الشر، وكذلك العكس، جاهلين ان طبيعة النفس الشريرة لا تنافي هبة الله لها موهبة خيرة. كما كانت طبيعة الإنسان الموت فوهب الله له الحياة، وذاته العدم، فأعطاه الله الخلق والوجود وهكذا.
4- ومن هنا تكون المحفزات الطبيعية حقة وواقعية بذات القوة التي تكون العوامل الحضارية صحيحة وواقعية، فالعصبية إلى جانب الإيثار، والشهوة إلى جانب التعفف، والرياء إلى جانب الاخلاص أمور واقعية ومعترف بها.
5- وتكون التربية والأخلاق والعقوبات والضغوط كلها ضرورية، لأنها ستساعد الجانب الإيجابي في البشر على الجانب السلبي، ولكن بعد الاعتراف بواقعية الحالة الاعتدائية في النفس واثر الوراثة والهوى والكفاح المعاشي في تسييره، مما يشكل الجانب السلبي منه.
هذه هي النقاط الخمس التي تعود لتتمركز في ثورة فكرية واحدة هي قاعدة الثنائية في الكائنات وفي النفس البشرية، هذه القاعدة التي أخطأها فلاسفة البشر قديما وحديثا، وهدى اليها القرآن الحكيم الذي قال:
(ونفس وما سواها* فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكاها* وقد خاب من دساها* كذبت ثمود بطغواها* إذ انبعث أشقاها* فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها* فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها) [الشمس / 7-14].
النفس تعرف الفجور وتعرف كيف تبقى فيها وتتخلص من سيئاتها، ولكنها تسير ناحية التزكية حينا وناحية الدس والنفاق حينا، وأي الناحيتين سارت فهي نابعة من قوة متأصلة فيها، فعشيرة ثمود حيث اختارت الضلالة فإنما اختارتها بطغواها؛ انها طغت بالنعم، والطغيان بالنعم حقيقة معترف بها لدى الإسلام وسنة اجتماعية، ولكن القرآن من جانب آخر يدين ثمود، لأنها كانت تستطيع الإفلات من قيود هذه السنة الاجتماعية وتستجيب لنداء رسولها فلم تفلح، فعوقبت ودمدم عليهم ربهم فسواها. والعقوبة ذاتها نابعة من التخيير في الإسلام، فلولا اعتقادنا بإمكانية ثمود التمرد على سنن الكون لما حسنت العقوبة ولا حتى الإدانة.
وبعيدا عن تفسير الظواهر النفسية بالثنائية (الذات + الموهبة) تتورط في الفلسفات التجزيئية التي لم تستطع ان تعطي الإنسان وجوده المتكامل، وأكثرها تجرد الإنسان من حريته في اختيار السلوك الفاضل.
أ- فداروين يجعل مسألة التقدم البشري طبيعية إلى درجة بعيدة، ويجعل الكفاح من أجل الوجود وسيلة الإنسان الوحيدة نحو التقدم الطبيعي، ثم يربط بين الشرور وبين مرحلة الإنسان، بحيث يكاد يقدس تلك الشرور ويعكس نظرية الخطيئة الأولى في الديانة المسيحية، ولا نذيع سرا لو قلنا ان بناء العلوم الحديثة (والمرتبطة بمعرفة الإنسان) قد قام على نظرية داروين ليس في إصالة الشر في طبيعة الإنسان فقط، بل وأيضا في جعل الكفاح من أجل الوجود الوسيلة الوحيدة لرقي الإنسان.
ب- وفرويد، يجعل الصفة الاعتدائية طبيعية في الإنسان متجاهلا تماما صفة الرحمة فيه، بل يتطرف بالقول: ان إعاقة الاعتدائية على العموم شيء غير صحي.
ج- وتطرف فريق ذات اليمين، فلم ير في الإنسان أي شر أصيل، وقال: ان الطبيعة الإنسانية غير مصابة بأية خطيئة أصلية غير الخطيئة الأصلية التي ارتكبها المجتمع ضدها. ومثَّل هذه النظرية: روسو وكانت وغوته وآخرون.
وكانت من نتائج اصالة الخطيئة دون الفضيلة، اليأس من اصلاح الإنسان، بل وتبديل القيم إلى حد الزعم بأن الرذيلة نوع من الفضيلة، أما النظرية المعاكسة فكان من نتائجها تحميل التربية كل اخطاء الإنسان وتناسي العوامل المضادة في ذات البشر وبالتالي عدم الواقعية في ذات البشر.
ان الإنسان حسب نظرية الإسلام ليس مخيرا بالمرة، فهناك الوراثة والتربية بل عامل الكفاح من أجل الحياة، تفرض عليه أحيانا اتجاها محددا، الا انه من جانب آخر ليس مسيرا بالمرة فهناك عامل العقل الذي يسمو به أحيانا أخرى إلى الثورة ضد عوامل الفساد، والعقل هذا موهبة يتأصل في ذات الإنسان إلى كائن حضاري لا جبر فيه ولا تفويض بل أمر بين أمرين.
واتمنى الاستفادة من الموضوع
الجمعة أبريل 28, 2017 11:17 am من طرف aze456
» شارك للفوز ب 1000 درهم
الثلاثاء أغسطس 18, 2015 2:41 pm من طرف aze456
» هل ترغب بتعلم الانجليزية مع متحدث عامي مجانا؟
السبت يوليو 18, 2015 1:01 am من طرف سمسمة عفيفي
» هدية نقدية بقيمة 1000 درهم مغربية من موقع حيلة
الجمعة يونيو 19, 2015 10:30 am من طرف aze456
» المسابقة الرسمية الرابعة لموقع حيلة بجائزة نقدية قدرها 500 د
الخميس فبراير 26, 2015 3:03 pm من طرف aze456
» قوانين المنتدى الرسمية ( الرجاء الاطلاع قبل المشاركة )
الخميس ديسمبر 25, 2014 6:43 am من طرف Meshmesha
» حاول تعرف
الأحد يونيو 30, 2013 3:59 am من طرف محب العلم والمعرفة
» فزوووووره
الأحد يونيو 30, 2013 3:57 am من طرف محب العلم والمعرفة
» فزوره والله العظيم اسهل مما يمكن
الأحد يونيو 30, 2013 3:55 am من طرف محب العلم والمعرفة
» ما هو الشى ؟؟؟؟؟؟؟؟
الأحد يونيو 30, 2013 3:55 am من طرف محب العلم والمعرفة
» مــــاهــي أمنيتــــــــــــــــك اليــــــــــــــــــوم ؟؟
الأحد يونيو 30, 2013 3:54 am من طرف محب العلم والمعرفة
» دعاء عمرو دياب - يانور على نور MP3 High Quality
الإثنين فبراير 25, 2013 9:47 am من طرف فتحي المهدي